الكوفية ...
بقلم الشاعر إحسان الخوري

تَتَتَابَعُ أسلابُ التُّرَاب ،.
يَكْتَظُّ تَدمِيرُ الوَطَنِ ،.
يَتَرَاكَبُ بَعضُهُ عَلَى بَعضٍ ،.
لَكِنَّهُ الوَطَنُ لَا يَضْطَرِبُ ،.
لَا يَرتَعِشُ ،.
لَا يَطيعُ وَلَا يُؤْتَمَرُ ....
هُمْ إِلَى سَفَرِ الهَاوِيَةِ ،.
هُمْ لَيْسَ لَهُمْ أَزْمِنَةً ،.
وَلَنْ تَكُونَ لَهُمْ فِلَسْطِينُ أَمْكِنَةً ....
هِيَ كَانَتْ جَانِبَ زَيْتُونَتِهَا ،.
أَمَامَ بَيْتِهَا الَّذِي سَيُهَدَّمُ ،.
عَمَّاهُ لَا تُصَوِّرُنِي ،.
أَنَا لَمْ أَعتَمِرُ بَعْدَ كُوفَِيَّتِي .. !!!
أَدْمَتْ فُؤَادَي ابْنَةُ فِلَسْطِينَ ،.
فتَجْرَحُنِي حَالُهَا وَبُهْتَانُهُمْ ،.
كَانَتْ تَصهَلُ وتَئِنُّ ،.
أَنِينُهَا يَمْلَأُ البِحَارَ ،.
خَلْفَ قِلَاعِ عَيْنَيْهَا البَرَاكِينُ تَئِجُّ ،.
وَيَمْتَدُّ نِدَائهمَا إِلَى جَلَالِ الشَّهَادَةِ ....
هِيَ بِالدِّمَاءِ مُخَضَّبَةً ،.
تُذِيبُ اللَّيْلَ ،.
عَيْنَاهَا تُتَرجِمُ نُجُومَ السَّمَاءِ ،.
وَمِنْجَلُهَا يَحمِلُ كُلَّ الرَّسَائِلِ ....
نَظْرَتْ طَوِيلًا طَوِيلًا ،
مَسَكَتْ بِكَمشةٍ مِن التُّرَابِ لِتَشْتَمّ ،.
فَرَدَتْ جَنَاحَيْهَا ،.
كَانَتْ تَستَعِدُّ لِلرمَقِ الأَخِيرِ ،.
وَفَجْأَةً عَاوَدت ،.
عَمَّاهُ مَهْلاً لَا تُصَوِّر حَالَتِي ،.
لَمْ يَعُد هُنَاكَ مَا يُدهِشُ ،.
فَأَنَا لَبْوَةٌ ،.
فِي دَاخِلِي تَمَرُّدِ المَدَى ،.
لَنْ آكُل أَصَابِعِي ،.
فَفُؤَادِي قُدَّ مِن الصَخْرِ ،.
وَعُنْوَاني لَنْ يَسقُط إلى الأبدِ ،.
هَتَكَ العَدوُّ بِغَدرِهِ شَرَايِينِي ،.
فَغَدَوْتُ يَا عَمَّاهُ بِدِمَائِي مُكَبَّلَةٌ ،.
هَاتِ الكُوفَِيَّةَ إِذَا أَرَدتَ تَصوِيرِي ،.
أَوْ اُتْرُكْنِي بِدِمَائِي فَهِيَ كُوفَِيَّتِي وَالوِشَاح....

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏‏نظارة‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏

تم عمل هذا الموقع بواسطة