رَجُلٌ في حياتي
قصة قصيرة:
بقلم: هاني زريفة
كقطة برية تاقت لتعذيب فريستها، بحثتُ عنه طويلاً، منتشيةً بانتصارٍ قديمٍ!
كانت صورته على (الفيس يوك) تُنبئ بأنّ الزمن قد أكل منه وشرب، وغربة الحب والروح نالتا منه مأرباً لا يستحقه.
ذهبت نضارة وجهه، وخط الدهر في جبهته تاريخ عذاب مرير، تقلصت عيناه الواسعتان، وخفت بريقهما حتى كاد ينطفئ، وشعره الأسود الكثيف لم يبق منه إلا بضع وبرات بيضاء على جاني الرأس!
من يومها لم أره... الله ماذا يفعل الحب! والزّمن؟!
كنتُ منتشيةً بأنوثتي التي تفتقت كزهر اللوز، مغرورةً بجمالي الذي أبهر فتيان المدرسة. وكان يرمقني بصمت واهتمام ويبتلع لعابه، دون أن يسفحَ ماءَ وجهه كبقية الفتيان، رغم تقربي منه، بسببٍ وبدون سببٍ... فتمنيت لو تتاح لي الفرصة لأحطمَّ له هذا الكبرياء المقيت!
زدت من تقربي منه، وأخذت أصطنع كلَّ ما يوهمه بالحبِّ والإعجاب، عله يسفح كبرياءه، ويفكَّ عقدةَ لسانهِ.
لم يستطع مقاومة أنوثتي الصارخة طويلاً؛ فوقع في المحظور، وكان لي ما أردتُ!
حين سلمني رسالته على انفرادٍ قابلته بابتسامةٍ وشكرتُهُ... ولكني عدت في اليوم التالي مصطحبةً معي شاهدةً على انهيار صرحِ الكبرياءِ المقيتِ، وجرحٍ سيعجزُ الدهر عن شفائه... فاختفى، واختفت معه أيامٌ وذكرياتٌ!
كنتُ أتابع أخبارهُ عن بعدٍ، وكان يعيد بناء قلعته بدأبٍ وطموحٍ!
طلبت صداقته، واستمريت في محادثته، وكنت في كلّ يومٍ أشعر بأنه يقتربُ من قلبي كطفلٍ يحبو!
هاجت في قلبه ذكريات حبه القديم، وأخذ يحدثني عما كان يختلج في صدره من حب صادقٍ نقيٍّ، وما كابده في حبي من عذابٍ.
تلك الليلة بكيت حتى الفجر، واستعرتْ في قلبي نارٌ لم أشعر بلظاها حتى في أيام الشباب!
كانت الكهرباء مقطوعةً، والظلام دامساً، وأصوات رشقاتٍ ناريةٍ تبدد سكون الليلِ، وأحاديث القتل والخطف تجلجل في رأسي، فيدور ويدور!
طال انتظاري له، ولكنَّ النقطة الخضراء لم تومضْ حذاء اسمه!
عيناي مسمرتان بشاشة الهاتف الجوال، وقلبي يخفق كطيرٍ ذبيحٍ!
حين يفتح صفحته سأخبره بأنني كنت أحبه منذ ذلك اليوم، ولم أزلْ!
(تمت).