شرفني الناقد الأدبي والإعلامي والقاص المغربي مجدالدين سعودي
بهذه الدراسة النقدية
ألف شكر على هذا الإثراء الذي أضفتموه للقصيدة بهذه القراءة الماتعة الشامخة
تحياتي وعميق شكري وإمتناني ودام لكم التميز والعطاء.
____________________
______________الدراسة النقدية

قصيدة ( ما ملكت يمينك ) للشاعرة المغربية سوار غازي : عندما تثور المرأة ضد الرجل الشرقي ( السيد ) و أعطابه و تسلطه ..

مجدالدين سعودي
برولوغ :
للشاعرة المغربية سوار غازي صولات رائعة في ميدان الشعر ، تطور تجربتها يوما بعد يوم ، تكتب عن مواضيع قلما تنتبه اليها المرأة ، تبحث عن المواضيع المسكوت عنها ، فتكتب بجرأة و بشاعرية ، في قصيدة ( ما ملكت يمينك ) ، توجه الشاعرة صرختها و احتجاجها ضد الظلم و التهميش و اللامبالاة المسلطة على المرأة الشرقية و نظرة الرجل الدونية لها عبر تراكمات خاطئة من جهل و قلة وعي و تخلف و فهم خاطئ للدين و لرجل يعتبر نفسه سيدا و بطلا بدون حرب و فارس مغوار يحارب طواحين الانتصار في معاركه الوهمية ...
رجل متسلط في مجتمع متسلط ، مجتمع يمارس التسلط و العنف على رجل شرقي ، فيقوم بالتالي بممارسة العنف و التسلط على المرأة الشرقية .. فعلا هو رجل ضحية ، و في هذا الصدد تقول الشاعرة ( سوار غازي ) : (فعلا يعتبر ضحية المجتمع فاسد ...
هو رجل مقهور وضحية مجتمع ذكوري متخلف لا تحكمه الا المفاهيم المتخلفة المغلوطة والعنصرية
على سبيل المثال :
*داخل الاسرة يزكي مفهوم الولد أهم من البنت ويبرر أخطاء الذكر ...
*تلخيص شرف الفتاة بغشاء ، في حين أخوها الذكر يتنقل من علاقة جنسية الى أخرى ، والامر عادي رغم ان الدين والشرع يحرم ويحرم الفعل للذكر والانثى ... ) ..
في العنوان : ( ما ملكت يمينك ) :
هو تناص ديني ، انطلقت منه الكاتبة لتظهرلنا أن عصرنا هذا تغيرت فيه المفاهيم ، و آن الأوان لثقافة المساواة و الاحترام المتبادل بين نصفي المجتمع ( الرجل و المرأة ) ... العنوان يجعلنا نطرح عدة أسئلة : هل في عصرنا الحالي و في ظل الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية و غلاء الأسعار نستطيع مسايرة التعدد و العيش في جلباب الماضي برجل يعتبر نفسه سيدا و متفوقا و كاملا عكس سيدة الشرق التي ينظر اليها نظرة دونية ؟ ...
نحن أمام عدة اكراهات في عصر المساواة و تجنب الشعارات الظلامية و اعطاء الحقوق لكل الأطراف ، لبناء مجتمع سليم و متكامل ...
خطاب ثائر :
توجه الذات الشاعرة خطابها لسيد الشرق لتوصل اليه مشاعرها العميقة :
( سيدَ الشرقِ تعلمتُ الذوبان
حينَ تستفزنِي بصقيعِ مشاعرِكَ
وتعلمتُ الارتواءَ منْ ديمومةِ أنفاسِكَ
وأنْ أحاورَ عينيكَ حينَ يجُزُّنِي صمتُكَ
وأنْ أتجملَ بثوبِ أنوثتِي في بلاطِكَ
وأنْ أتعطرَ وأتكحلَ وأتزينَ بحضرتِكَ
وأغسلُ شَعْرِي بنهرِ جنونِكَ )
و تواصل قائلة :
( واستمتعَ بأدوارِ عشقِكَ
وأنسَى كلَّ عذابَاتِي
وأرقصُ لكَ بحمرةِ ثغرِي
وهسهسةِ ديباجِي وخُلخَالِي
وأنَا أحملُ بداخلِي كلَّ هذيَانِكَ )

و كذلك :
(سيدَ الشرقِ تعلمتُ التجمدَ
وأنَا أحترقُ وأكتوِي بلهيبِ مغامراتِكَ
وتعلمتُ أنْ أنصهرَ عشقًا من رضابِ
شفتيْكَ
وأنْ لا أتمزقُ وأنتَ تضعُ على جسدِي
أسلوبَكَ )
و مع هذا تلتمس الشاعرة عذرا للسيد المستبد و الضحية قائلة : (وحتى عقلية الانثى في المجتمع الذكوري ما هي إلا نتاج حتمي لتربية معينة ترسخت لديها لتمارس القهر على نفسها بالخضوع والخنوع للقهر الممارس عليها من الرجل الشرقي سواء من الأب أو الزوج أو الأخ ولا إرادياً تقوم المرأة نفسها بزراعة ما تم تغذيتها عليه لأبنائها ...
فالمرأة تقهر المرأة حين تنشئ جيلا من الذكور بالمفاهيم المغلوطة ... لا شرع ولا دين ولا قانون أباحه ) ...

احتجاجات :
تحتج الذات الثائرة عن سوء الفهم الذي يتخبط فيه السيد قائلة :
( ولنْ تفهمَ يا سيدَّي ماذَا يعترينِي ؟؟
يجلدنِي سياطُ جبروتِكَ
وتتحررُ أحلامِي على ريشِ أهدابِكَ )
و حول قصيدتها ، تقول الشاعرة سوار غازي : ( خاطرتي تطرح سلوكيات الرجل الشرقي اتجاه المرأة خصوصا الزوجة ...وكثيرة هي الثورات الأنثوية ضد هذه السلوكيات منذ عصور ...وللأسف دون تغيير يذكر لازال الرجل الشرقي هو نفسه (سي سيد ) بعيوبه وتناقضاته ) سيدَ الشرقِ ...
معاناة المرأة :
تقول الذات الثائرة :
( سيدَ الشرقِ
أنَا حواءَ خلقتُ منْ ضلعِكَ
فلا تستضعفنِي ولا تستعبدنِي
أنَا نصفُ ميتةٍ بدونِكَ وأنتَ تكملنِي
وأنتَ نبضٌ يعيدُ الحياةَ لشراينِي
وإنْ كنتُ ممن ملكتْ يمينُكَ
وتعشقُ قهرِي و إذلالِي )
لهذا تنصح الشاعرة الرجل الشرقي قائلة : (
علميه أن يحترم الأنثى جسدا وروحا ..ولا ينظر إليها كآلة للإنجاب أو وعاء لتفريغ الكبت
علميه أن الأنوثة ليست مقايس جسدية معينة مثيرة ...
علميه أن الأنثى عقل ووعي و خلق وطهر ... )
تحذيرات المرأة للرجل السيد :
تقول الذات الثائرة :
( كلمَا زاغتْ خُطَى رغبَاتِكَ
وأنشدُ وقلبِي مذبوح أنت تكفينِي
وأفتحُ لكَ كلَّ أوردتِي وأنسجَتِي
وأجعلُ ضلعِي ومقلتَيَّ ومهجتِي
مخدعَكَ )
و تحذره قائلة :
(سأسامرُ لياليِكَ الحمرَاءَ وأبارِزُ
كبريائَكَ
وأثورُ لكلِّ حرائرِ جلدتِي
وأكسرُ قيودَ الصمتِ وذلِّي )
و كذلك :
( و أصرخُ وأعلنُ أنتَ قيسِي وقيصرِي
وأعزفُ لحنَ ثورتِي علَى شرقيتِكَ

سيدَ الشرقِ
صعبٌ مشهدُ احتضارِ تاريخِكَ
وسقوطُ حصونِ قلاعِكَ
وصعبٌ أنْ أؤمنُ بموتِي ونهايتِي
فأنَا برغمِ كلِّ شئٍ أراكَ بذرتِي
التِي سيأذنُ اللهُ لهَا بالاخضرارِ فِي
رحمِي )
خاتمة :
تنهي الشاعرة سوار غازي قصيدتها بتفاؤل الميلاد عبر اخضرار البذرة في الرحم ، و هي ميلاد الحياة و استمراريتها رغم هذه النظرات الدونية و العقد الشرقية الساكنة أعماق السيد الشرقي ، فالزمن كفيل بمعالجة هذه الأوهام ...
قصيدة ( ما ملكت يمينك ) هي فعلا صرخة لسيدة شرقية ترفض الظلم و الظلام ، و تريد بناء الحياة و المشاركة الفعالة فيها بعيدا عن الظلم و التسلط ...
مجدالدين سعودي
كاتب و اعلامي و ناقد مغربي
نص قصيدة ( ما ملكت يميني ) للشاعرة سوار غازي

ما ملكت يمينك
بفلم سوار غازي
13/10/2017
______________
سيدَ الشرقِ تعلمتُ الذوبان
حينَ تستفزنِي بصقيعِ مشاعرِكَ
وتعلمتُ الارتواءَ منْ ديمومةِ أنفاسِكَ
وأنْ أحاورَ عينيكَ حينَ يجُزُّنِي صمتُكَ
وأنْ أتجملَ بثوبِ أنوثتِي في بلاطِكَ
وأنْ أتعطرَ وأتكحلَ وأتزينَ بحضرتِكَ
وأغسلُ شَعْرِي بنهرِ جنونِكَ
واستمتعَ بأدوارِ عشقِكَ
وأنسَى كلَّ عذابَاتِي
وأرقصُ لكَ بحمرةِ ثغرِي
وهسهسةِ ديباجِي وخُلخَالِي
وأنَا أحملُ بداخلِي كلَّ هذيَانِكَ
****************
سيدَ الشرقِ تعلمتُ التجمدَ
وأنَا أحترقُ وأكتوِي بلهيبِ مغامراتِكَ
وتعلمتُ أنْ أنصهرَ عشقًا من رضابِ
شفتيْكَ
وأنْ لا أتمزقُ وأنتَ تضعُ على جسدِي
أسلوبَكَ
ولنْ تفهمَ يا سيدَّي ماذَا يعترينِي ؟؟
يجلدنِي سياطُ جبروتِكَ
وتتحررُ أحلامِي على ريشِ أهدابِكَ
*****************
سيدَ الشرقِ
أنَا حواءَ خلقتُ منْ ضلعِكَ
فلا تستضعفنِي ولا تستعبدنِي
أنَا نصفُ ميتةٍ بدونِكَ وأنتَ تكملنِي
وأنتَ نبضٌ يعيدُ الحياةَ لشراينِي
وإنْ كنتُ ممن ملكتْ يمينُكَ
وتعشقُ قهرِي و إذلالِي
حلِّقْ كيفمَا شئتَ ومتَى شئتَ
برجولتِكَ علَى فيافِي جروحِي
سأقاومُ وأجمعُ أشلائِي
وألقي بكلِّ أوجاعِي وخنوعِي
فِي بئْرِ لامُبالاتِي
وحتمًا لنْ أرفعَ خمارَ استسلامِي
وسأردَكَ خاضعًا لشريعتِي
كلمَا زاغتْ خُطَى رغبَاتِكَ
وأنشدُ وقلبِي مذبوح أنت تكفينِي
وأفتحُ لكَ كلَّ أوردتِي وأنسجَتِي
وأجعلُ ضلعِي ومقلتَيَّ ومهجتِي
مخدعَكَ
.سأسامرُ لياليِكَ الحمرَاءَ وأبارِزُ
كبريائَكَ
وأثورُ لكلِّ حرائرِ جلدتِي
وأكسرُ قيودَ الصمتِ وذلِّي
و أصرخُ وأعلنُ أنتَ قيسِي وقيصرِي
وأعزفُ لحنَ ثورتِي علَى شرقيتِكَ
*****************
سيدَ الشرقِ
صعبٌ مشهدُ احتضارِ تاريخِكَ
وسقوطُ حصونِ قلاعِكَ
وصعبٌ أنْ أؤمنُ بموتِي ونهايتِي
فأنَا برغمِ كلِّ شئٍ أراكَ بذرتِي
التِي سيأذنُ اللهُ لهَا بالاخضرارِ فِي
رحمِي
............................................................................
بقلمِ : سوار غازي

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏2‏ شخصان‏، و‏‏نص‏‏‏

تم عمل هذا الموقع بواسطة