فهد بلان يكبر في الذاكرة بعد عقدين على الرحيل
السويداء-معين حمد العماطوري
عند كل نهاية عام وفي الاسبوع الأخير أتذكر ان سورية عامة والسويداء خاصة فقدت أحد اعمدة فنها الأصيل، وأشعر أن كتابي الذي ألفته بعنوان /فهد بلان الفنان الإنسان/ هو حاضر دائم بأفعاله ومآثره، ذلك لأن مطرب الرجولة فهد بلان لم يكن في يوم من أيام إلا واحداً من فرسان الأغنية العربية، النموذج لذلك الجبلي الاصيل الحامل معه نخوة الأهل والأجداد وأهازيج النشامى وحداء الأبطال، لم يرض ذلك الفارس المشهر بسيفه وصوته وزمجرته التعبير إلا من خلال محليته وبيئته، وبالتالي تراه عاشق لوطنه الأم سورية، فغنى ما غنى وأنشد وأطرب، واسترسل في العطاء ليصل إلى القلوب والعيون الدامعة على فراقه مستذكرين دائما وقفته الممشوقة وصوته الرجولي وإصراره على الأحرف المفخمة النابعة من ريح سنديان ظهر الجيل...
نعم قبل عقدين من الزمن ودعنا العملاق الكبير في الفن والغناء والطرب الأصيل ابن الجبل البار مطرب الرجولة فهد بلان ....وهو يمتشق سيف البطولة ويرتدي عباءة المجد....ودعناه والناس تردد له على بال بعد يا جبل حوران ...غالي علينا يا جبل... سورية درب للوحدة العربية...يا خيال يا رايح على الجولان...وتعيشي يا بلدي....
لكن الأهم حينما يذكر فهد بلان بالأوساط الفنية ويغوص المرء في بحر فنه وبما يملك من مساحة صوتية التي أجريت على ذلك الصوت دراسات وبحوث علمية بأهمية فهد بلان لذلك حينما اطلق عليه ظريف لبنان نجيب حنكش مطرب الرجولة لم تكن عبثية لأن المساحة الصوتية لتي يملها فهد تؤهله لذلك....
ثانياً الدارس لنوع الأغاني والألحان التي اختارها بعد العودة لإرشيفه الذي ناف عن الف وخمسمائة أغنية ومعظمها أملكها أنا شخصياً.. والتي تتفاوت بطبيعة الألحان الشرقية بين الطربية والوطنية والعاطفية والوجدانية والشعبية والقصيدة حتى أنه غنى الموشح ...وجميعها تحمل البعد الفني التي تستحق كل أغنية، أيضاً يقف على أهمية الذائقة الفنية التي كان يتحلى بها فهد بلان، وهو العارف بقدرته ومساحة صوته وأداءه الذي كثر من الملحنين من قالوا عنه وخاصة الملحن المصري الشيخ سيد مكاوي : /أنك تعطي فهد بلان لحناً كالشجرة بأغصان ولكنه يكسو تلك الشجرة بالأوراق والثمار من خلال الأداء/ ....وإلا كيف لاسرائيل أن تقدم شكوى في هيئة الامم المتحدة بحق سورية بأن مطرب الرجولة فهد بلان يهدد السامية بأغانيه الوطنية وخاصة بأغنيتي /القدس الشريف والمسجد الأقصى/...من الحان محمود الشريف....
إذا نحن أمام ظاهرة فنية تستحق الدراسة عنه اليوم وغدا وحين قمت بإعداد كتاب عنه بعنوان /فهد بلان الفنان الإنسان/ كان للعنوان دلالة كبيرة في تراثنا ومورثنا الثقافي الفني وربما هذا يحتاج إلى بحث آخر ...
فهد بلان ظاهرة لا تتكرر في عالمنا العربي على حد قول الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، ولون جديد وأداء جديد في الغناء العربي كما ذكرت سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وربما جاء ليحرك المياه الراكدة على حد قول العملاق الكبير رياض السنباطي ...
رحلت أبا طلال وأنت في ذاكرة تكبر يوما بعد يوم ....