ما هي الطريق لكي أُسعد عائلتي؟
بقلم:
د.ذمسكينوس الأزرعي
أرشمندريت الكرسي المسكوني
الجميع يُريد بأن يعيش في أسرة سعيدة، إلا أن هذا في الكثير من الأحيان قد يكون للأسف حلماً ،لأن العلاقات الإجتماعية والأسرية معقده ولا تعتمد على طرف واحد.
لكني أُريد من خلال هذهِ السطور أن أشجعكَ على أن تكون "أنت" مفتاح السعادة الأسرية، إبدأ بنفسك وأَسعِد من حولك،لا تنحصر في ذاتك بل إسأل نفسك: ماذا يمكنني أن أفعل لأُسعِد عائلتي؟
أحبائي،حين أسس الله الأسرة خلق آدم وحواء ليعيشا معاً متحابين متعاونين حتى أن أول لفظ أُطلق على حواء حين كانت في فكر الله هو أن تكون "معيناً" لآدم (تك18:2).
إن المحبة الحقيقة يجب أن تكون موجودة في جوهر علاقة كل زوج وزوجة. كما أن المحبة يجب أن تكون هي أساس علاقة الآباء والأمهات بأولادهم وبالعكس.
منذ القِدم في العهد القديم اعتبر الله علاقة الحب بين الأب وإبنه من أسمى العلاقات حتى أنه شبّه علاقته بشعب إسرائيل بهذه العلاقة حين قال "قُلْتُ لَكُمْ: لاَ تَرْهَبُوا وَلاَ تَخَافُوا مِنْهُمُ. الرَّبُّ إِلهُكُمُ السَّائِرُ أَمَامَكُمْ هُوَ يُحَارِبُ عَنْكُمْ حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ مَعَكُمْ فِي مِصْرَ وَفِي الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ رَأَيْتَ كَيْفَ حَمَلَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ كَمَا يَحْمِلُ الإِنْسَانُ ابْنَهُ (تثنية 1: 29 - 32)".
إن المحبة الحقيقة بين جميع أفراد العائلة هي الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يظمن سعادة الأسرة، والسبب هو أن الحب الحقيقي نابع من الله، لأن الله محبة (1يو 4: 8، 16) ،إذاً إيمان جيمع أفراد العائلة الحقيقي بالله يجعل محبته تغمر حياتهم وتضيء مسيرة العائلة.
المحبة الأسرية تعني أن أضع في إعتباري مصالح الآخرين وأقدمها على مصالحي،المحبة الأسرية تعني أن أساعد زوجتي وأهتم بها وبإحتياجاتها،المحبة الأسرية تعني أن أحترم زوجي بالقول والفعل وأوفر له بيتاً مريحاً بقدر طاقتي،المحبة الأسرية تعني أن أقضي أيام الإجازات وأوقات فراغي مع أولادي ليشعروا أني راعيهم وملاذهم في الحياة،المحبة الأسرية تعني محبة لا تتغير مع الظروف ولكن ثابته لا تتزعزع رغم عواصف الحياة.
وصية الكتاب المقدس إلى كل فرد فى الأسرة
يوصي الكتاب المقدس الزوج والزوجة قائلاً: " أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ. وَلكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ. كَذلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ. فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضًا لِلْكَنِيسَةِ. لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ. «مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا»( اف 5 : 22 : 31)".
ويوصي الكتاب المقدس الآباء قائلاً: "وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ، بَلْ رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ.(أف4:6)"، "رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ، فَمَتَى شَاخَ أَيْضًا لاَ يَحِيدُ عَنْهُ.( أم 22 : 6) ".
ويوصي الكتاب المقدس الأبناء قائلا: "أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ فِي الرَّبِّ لأَنَّ هذَا حَقٌّ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ بِوَعْدٍ،لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ، وَتَكُونُوا طِوَالَ الأَعْمَارِ عَلَى الأَرْضِ(أف5: 1-3)".
" اِسْمَعْ لأَبِيكَ الَّذِي وَلَدَكَ، وَلاَ تَحْتَقِرْ أُمَّكَ إِذَا شَاخَتْ( ام 23 : 22 )"، "أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.( خر 20 : 12)".
إقترحات لحياة أُسرية سعيدة
• المواظبة على المشاركة في القداس الإلهي كل يوم أحد مع جميع الأعياد والمناسبات الكنسية، والمشاركة أيضاً في جميع نشاطات الكنيسة الروحية،إذ إن التواصل الدائم بالكنيسة يبعث البركة والسلام والفرح في حياة العائلة.
• عدم السماح لأي شخص خارج إطار (العائلة الصغيرة)،أن يتدخل في إدراة شؤون المنزل أو برسم طريقة سير العلاقة والتعامل بين أفراد الأسرة،وخاصتاً أنه في أغلب الحالات دور هؤلاء الأشخاص يكون سلبي ويؤثر بشكل واضح على مسيرة العائلة ويشوش العلاقات بنجاح باهر! من المهم وضع الحدود بيننا وبين الآخرين(بما يخص الأمور الداخلية للعائلة)، بحيث نحفظ ما بيننا من ود دون أن نضيع خصوصيتنا،لأنه ما يزيد عن حده ينقلب إلى ضده.. أليس كذلك؟
• التعبير الصادق والمتكرر عن الحب بين جيمع أفراد العائلة بطرق مختلفة كالكلمات، والإبتسامة، أو بهدية، أو بمساعدة. أما التعبير عن الحب للأطفال من أروع صوره هو قضاء الوقت معهم.
• أمر آخر يجعل الأسرة سعيدة هو سرعة الغفران للغير وسرعة الإعتذار لهم، فجميعنا نرتكب أخطاءً كبيرة أو صغيرة وعدم الغفران يؤذي الطرفين، فمن ارتكب الخطأ حين لا يعتذر يجرح الغير، ومن تمت الإساءة إليه حين لا يغفر يضع حملاً على من يلتمس الصفح.
• لحياة سعيدة على لسانك أن يكون طيّباً، نحتاج لأن نُدرب ألسنتنا على التشجيع، والحب، بدلاً من النقد والسخرية والتأنيب،يقول الكتاب المقدس "أمّا لسان الحكماء فشفاء (سفر الأمثال ١٢: ١٨)" فهل لسانك شفاء؟ أم أنه ممتلىء بالمرارة والنقد والتجريح والعنف والنبرة العالية؟ هل لسانك يشفي المجروح ويلمس بمحبة ، أم أنه لاذع الإنتقاد والتأنيب؟ لكي يكون البيت سعيداً لا بدّ أن نطلب من الله أن يشفي ألسنتنا!
• العائلات السعيدة تصنع لنفسها ذكريات جميلة وتجد الأوقات لتفرح معاً،يجب أن تقتنصوا لحظات الفرح والإنتصار والإحتفال بها واصنعوا منها ذكرى جميلة تحفر في قلوبكم.
سأقترح عليك أن تبدأ الأن بنفسك في نشر جو المحبة والبهجة والسعادة في أسرتك...
إذاً هل إتخذت هذا القرار؟
© Damakinos Alazrai 2017
عزيزي\عزيزتي،إنّني أدعو الله أن تكون كلماتي قد أفادتك. وأرحّب بأسئلتك واستفساراتك التي تُمتِّعني حقّاً
والرب يكون معكم دائما
إذا كنت تحتاج للمشورة تواصل معنا عبر (البريد الأكتروني المؤقت) لمكتب خدمة المشورة والأرشاد الروحي:
Damaskinosalazrai@yahoo.gr

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، و‏أشخاص يجلسون‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏

تم عمل هذا الموقع بواسطة